هل شاركت بعشرات الدورات التدريبية في تطوير الذات بمختلف المواضيع؟ هل شاهدت آلاف الفيديوهات على اليوتيوب لمتحدثين في التطوير الذاتي؟ هل قرأت عشرات الكتب التطويرية؟ ولكن، إليك الحقيقة بالأسئلة التالية التي عليك أن تختبر نفسك بناء عليها:

  1. كم نسبة ما بقي في ذاكرتك مما ذكر أعلاه؟
  2. كم نسبة ما طبقت مما ذكر أعلاه؟
  3. كم نسبة ما شاركته وعلّمته للآخرين مما ذكر أعلاه؟
  4. كم نسبة التحديثات على المعلومات مما ذكر أعلاه؟

أستطيع أن أكتب عشرات الأسئلة لاختبار مدى الفعالية والعائد على ما اكتسبته خلال سنوات ودفعت ثمنه، مالاً وجهداً ووقتاً وأحياناً فرصا بديلة ضائعة. كلاّ، لست متشائماً ولست ممن يكره التطوير الذاتي بل إنني متخصصاً فيه ولدّي نتائج حقيقية شخصية أو مع من أعمل معهم كموجّه شخصي ولكني دقيق جداً وعملي عندما يكون الموضوع مرتبط بالعائد على أي عمل نقوم به خلال هذه الحياة والعائد ليس فقط مادي، بل يمكن أن يكون بعدة أوجه.

لماذا اخترت العنوان “لا تغرق في بئر التطوير الذاتي”؟، سأقص عليك هذه القصة، كنت جالساً يوماً في منزل صديق لي وبدأ يخبرني عن حبّه للسباحة وبأنّه بدأ يقرأ كتباً في تعلّم السباحة ويشاهد فيديوهات تحفيزية لأكبر الأبطال السباحين في العالم ومنهم “مايكل فيلبس” وبأنّه حضر دورات أونلاين عن السباحة وأصبح لديه كم هائل من المعلومات والرغبة الحقيقية في أن يكون سباحاً عظيماً. احترمت هذا الشغف ولاشك بأنه سيصل إلى ما يريد اذا ما ركز على نقطة واحدة. ولأتأكد من هذه النقطة سألته:

  • ما رأيك أن نذهب برحلة بحرية الأسبوع القادم لنمارس السباحة؟ فنظر إليّ متعجباً وخائفاً وقال:
  • ولكنني لا أعرف كيف أسبح وقد أغرق
  • وماذا عن الكتب والدورات والفيديوهات؟
  • ولكني لم أمارس السباحة بشكل فعلي

هذه هي النقطة، “الممارسة والتطبيق”، يمكننا أن نقرأ جميع الكتب في العالم، ونشاهد جميع الفيديوهات التحفيزية على اليوتيوب ونشارك بمئات الدورات سنوياً، لن تكون ذات قيمة حقيقية إلا بالتطبيق والممارسة والتجربة والتحسين المستمر، عندها تستطيع أن تقول بأنني أعرف كذا وطبقت كذا ومارست كذا وحسنّت كذا، ولا تحاول خداعي بالكلمات التحفيزية الأخرى القائلة “لا يهمّ التطبيق، المهم أن تكتسب المعلومات فقد تستخدمها يوماً ما” هذا بالنسبة لي “هراء” يدخل من أذني ويخرج من نفس الأذن فلا أسمح له أن يعبر للأذن الثانية. فتوقّف عن إقناع نفسك أو من حولك بذلك، فتكون مساهم في غرق الآخرين في نفس البئر الذي لو وضعتك به ستغرق أيضا، أتريد اعطائك مثالاً على ذلك، هيا بنا:

  • كم فيديو شاهدت لمتحدث يخبرك عن التخطيط الشخصي، ولكن هل لديك خطة شخصية مكتوبة ومفصلة بكامل تفاصيلها الدقيقة؟
  • كم كتاب قرأت عن التحدث أمام الجمهور، وما زلت لا تستطيع أن تقف حتى أمام نفسك لتتحدث؟
  • كم دورة تدريبية حضرت عنوانها “أنت تستطيع” ولكنك إلى الآن لا تستطيع تحويل جسدك إلى جسد صحي خال من السمنة والدهون وخفض عدد من الكيلوغرامات؟

هل المشكلة في الدورات أو الكتب أو الفيديوهات؟ كلاّ المشكلة فيك أنت، فأنت تسمع وتكتب وتشارك معلومات ولا تطبقها على نفسك، وتظن بمشاركتك لهذه المعلومات على “الفيسبوك، أو لينكدإن أو أيّ منصة أخرى” سيكون لها الأثر عليك، لن يكون كذلك وخصوصاً أن الناس يعرفون تماماً من أنت وبشكل شخصي. لذلك توقف حتى لا تغرق في بئر التطوير الذاتي .. و سأعطيك عددا من التقنيات التي عليك استخدامها لكي تصبح فعالاً وتخرج من ذلك المستنقع ..

  • حددّ مهارة، عادة أو معلومة واحدة تريد اكتسابها
  • ضع أهداف واضحة وخطة عملية واضحة لعملية الاكتساب
  • ضع جدول تطبيق وممارسة لما ستتعلمه، ونفّذ ذلك على أرض الواقع
  • اعرض ما اكتسبت ونفذّت على خبير في المجال لتقويم أداءك وتوجيهك إلى المستوى الأعلى
  • حسّن باستمرار من النتائج التي تحصل عليها لتصبح الأفضل في هذا المجال
  • شارك وعلّم الآخرين بما اكتسبت بشكل حقيقي ولا تخادع الناس بامتلاكك ما لا تملك

إنّ مجانية المعلومات وسهولة الوصول لها لم يعد بالأمر الجيد كما يعتقد الجميع، بل أصبحنا نعيش في زمن الإرهاق الفكري الناتج عن تعرضنا لكم هائل من المعلومات كل يوم، وإن لم يكن لدينا مصفاة ذهنية لتبقي خارجاً ما لا ينفع ولا يدخل ضمن خطتك واهتماماتك بشكل حقيقي سيصبح لديك تلبدّ وانسداد فكري بدل أن يكون لديك ذهن صاف أكثر تركيزاً على ما يريد بشكل دقيق وفعلي.